بزيز الساخر...بزيز الساحر

بزيز الساخر… بزيز الساحر
منصور التجنيدة
إلى أحمد السنوسي الكاشف رأس الخيط دوما
– مفتاح اول…
” انني ابتسم
وفوق ظهري سنم من الدموع
                         محمد الماغوط
” علي أن أتسوق عشرة كيلوات من الضحك
وأقدد ابتسامة كبيرة”
                  جواد الحطاب ( شاعر عراقي)
– بطاقة هوية: ما الانسان الا قلبه ولسانه
وجهه:
وجه بأربع عيون لذا يرى تفاصيل التفاصيل …
قلبه:
قلبي كناش مفتوح** يقرا فيه كل صديق
فيه أفراح فيه جروح** فيه ليعة فيه حريق

                              

لسانه:
تستهوي بزيز لعبة تفكيك الكلمات وإعادة تركيبها من جديد لذا توقف علماء اللسان عند زئبقية لغته المتملصة من التكلس مما يضفي عليها سمتي التغير والتجدد بشكل دائم .. هكذا يصير التراضي تغاضيا وتقريب الادارة تقريب لي الضارة والعاقبة حقيبة.. ووضعيتنا التي يرثى لها تصبح وضعيتنا التي يرشى لها ولغياب الديموقراطية تعوضها الديموحرامية في دولة” الحُك والكانون” في زمن المناضلين/ المناذلين ، والكافيار يتحول الى الكفرة بالله، والشرق الأوسط الجديد يغدو الشر الأسوط الجديد حيث كل الشرور تتجه اليه.
أوصافه:
– لاعب ممنوع من الملاعب ( ممنوع من الصرف)، وصودرت منه الكرة منذ زمن بعيد
- غير منسجم مع ظله
- ساعته متوقفة لأنها منسجمة( مضبوطة) مع توقيت البلاد .
- كما لا يتنازل عن حقه… لا يتنازل عن فرحه:” انا فرحان وناوي نقلبها                                 صباط الابغا الله ووقفوا معانا رجال البلاد”
مساره :
رحلة الشتاء: سفر ثنائي بدأ 1973 ورغم برودة الفصل كان للرحلة دفء اللقاء مع الجمهور لأن الفن رسالة .. ضد التفاهة،وليس تزييفا للواقع والحقائق
رحلة الصيف: سفر فردي منذ 1989 سفر زاده التهميش والإقصاء والإبعاد عن الجمهور عن سابق إصرار وترصد لا لشئ سوى ان فنه يضيئ الجوانب العتيمة فينا ويكشف العيوب و يسلط الضوء على الفضائح بشكل واضح(..)
مهنته:
منذ أن التقت عيناه بقول النفري:” وقال لي اقعد في ثقب الإبرة ولا تبرح، وإذا دخل الخيط في الإبرة فلا تمسكه ، وإذا خرج فلا تمده، وافرح فاني لا أحب إلا الفرحان” وهو يصرخ في الشوارع وفي الوجوه”انا شغلي هو الفرحة… وخدمتي فرحان” فكيف لا يفرح :
“وهذي البلاد سفينة
والطغاة هم الشراع
و الراكبون بكل ناحية مشاع
واذا اذعنوا… عطشوا وجاعوا
واذا تصدوا للرياح
رمت بهم بحرا… وما للبحر قاع”
احمد مطر
هواياته:
- إيقاظ النائمين من سكرات الموت في حياتهم .
– ترويض الألسنة على الكلام حتى لا تنتفخ داخل الأفواه.
- تعليم الكبار تهجي كلمة” لا ” وبذلك يقدم خدمة للمسؤولين في محو الأمية.
-فنان تشكيلي يرسم الوطن جسدا بلا رأس( سبتة و مليلية) ودون أرجل ( قضية الصحراء) فماذا تبقى منه؟
وصفته الطبية:
بعد ارتدائه سخريته البيضاء وتشخيصه واقع الحال الأسود المزكوم بروائحهم وفضائحهم (…)يقترح وصفته الطبية الساحرة للحد من المنغصات والمحبطات:” جوج قويلبات ديال التغاضي( التراضي)، واحد ديال التوافق( الترافق) وحقنة ديال التثاؤب( التناوب)” لأنهم يردوننا أن نتغاضى على تناوبهم” تثاؤبهم” التوافقي” الترافقي” المشهور بحكاية” علي بابا والأربعين وزيرا”
التهم:
- السخرية من جماعة دشاشة المحتكر ة للسياسة.
– التثاؤب ليلة الاضراب العام.
-التفكير في تأسيس حزب للسراسرة .
-إخراج أربعة جبال من جغرافية الوطن( بالتريب بالتريب)
- التخنزير في صور ه الفوتوغرافية.
- زيادة يوم في الأسبوع .
-نحت مصطلحات لغوية جديدة:” النفطعون”و البورشوازية” .
- ممارسة السياسة دون حزب او نشاشة
“قيل لي:
لا تتدخل في السياسة
شيدوا المبنى… وقالوا:
ابعدوا عنه اساسه
ايها السادة عفوا:
كيف لا يهتز جسم
عندما يفقد راسه”
احمد مطر
– الحكم :
في حفل تكريمي بهيج لم يشهد له مثيل، حضره المسؤولون على الشؤون الثقافية و الفنية إضافة إلى الجهات المنظمة.. والصحافيون من كل المنابر الإعلامية وممثلون عن الأحزاب والنقابات والجمعيات المدنية ..في حفل بهيج نقل مباشرة على جميع القنوات الأرضية والفضائية والبحرية اعترافا بدوره الفني المتميز.. وقد تم اهداؤه دهر من المنع ودهر من الحصار(…) ورب ضارة نافعة لهذا يقول:
” وضعوني في إناء
ثم قالو لي: تأقلم
وأنا لست بماء
أنا من طين السماء
وإذا ضاق إنائي بنموي
….يتحطم”
احمد مطر

– نصوصه …فصوصه:
نصوصه من خميرة كميائية خاصة..خبرها الوراثي من فصيلة التمرد والرفض تتشكل من كرومزومين فقط
” اللام ” و” الألف” لذا:
” [...]أبصرت لا واحدة
وسط ملاين نعم”
احمد مطر
” لا” التي يصرخ بهافي وجوه الكرامطة وهواة المناطيد وأرانب المسافات القصيرة نحو الحقائب الوزارية وكراسي برالأمان الوتيرة حيث الحصانة / الحضانة البرلمانية
نصوصه تكره الصمت : السكتة اللسانية والسكتة القلبية: وتطالب بوضع النقط على الحروف حتى تصح القراءة لأنها ضد تأييد/تأبيد الأمر ا لواقع… الواقع بكلكله علينا نحن فقط أصحاب العِرق/ العَرق المالحٍٍٍ ،نصوصه الكوميدية تجارب تحارب الفقاعة بالفكاهة من خلال السخرية اللاذعة/ اللاذغة و تفضح ما يخفيه لسان الجدية المتجهمة فينا والمتهجمة علينا..نصوصه غنية بالواقع
و المتخيل،بالمفارقات و المقارنات، بالصورة والكاريكاتير.. والحافلة بالضحك الأبيض من/ على الواقع الأسود..ومن ثمة فهي غذاء فني شهي غني بفيتامينات السخرية المتنوعة التي تدخل” السرور على النفوس وحمايتها من السأم والملل”وايضا” كشف العيوب والنقط المظلمة وإنارة الطرق للتقدم”
ولأنه ناقد متعدد…ناقد متجدد نجد في اعماله الفنية نقدا للأوضاع المتردية والأحوال المزرية .. تتعدد رؤاه النقدية بتعدد وتنوع المواقف والوقائع..فهو الناقد السميائي الخبير بالرموز وإيحاءاتها والألوان ودلالاتها مما يسعفه في تقديم تحليل نقدي مميز بين الوان المرحلة والوان الحقيقة:”كيختاروا شي ألوان مزيانيين ها العسلي ها السمني، ها الفضي ها الذهبي، هادوك الوان الكوطة الرابحة[...] اما الوان الحقيقة فهي المصدي ، ها الكاشف ها المخزز،ها اللون الباهت ها الوسخي والمسخي[...]ألوان المرحلة والطلوع من الزبالة” صوتوا على اللون المبرهش لون المرحلة،اللون المبرهش وضريب الرش وتزكية المش والحنش..وعلى ماكيبان ويظهر في الأفق الناس غادا تصوت على اللون اللي عاجبها، اللون الخزي اللي طالع لينا كاملين.” على الرغم من انف “دابا2007
ونظرا لكثرة الالوان في المشهد السياسي صار معها التحالف لوحة تجريدية مبهمة قلقة افزعت قوس قزح، لذا اختار البراعشة الرموز بدل الألوان: وردة ذابلة، ميزان مختل ، ساروت مصدي، سفينة غارقة ، نخلة يتيمة، شمس مظلمة، حمامة مريشة… في اطار المشروع الحكومي ” حزب لكل مواطن”ف:
“أكثر الأشياء في بلدتنا
الأحزاب
والفقر
وحالات الطلاق
عندنا” ثلاثون حزبا” ونصف حزب
في كل زقاق
كلها يسعى الى نبذ الشقاق
كلها ينشق في الساعة شقين
وينشق على الشقين شقان
وينشقان على شقيهما
من أجل تحقيق الوفاق.”
احمد مطر
هاهو أيضا ناقد طبونومي يسلط منظاره على أسماء الأحياء الشعبية التي تناقض واقع الحال ، فلا مطابقة بين القول والفعل :” الأحياء الشعبية ظالمينهم غير بالسميات.. دايرين ليهم سميات خطيرة: حي التقدم[ والبلاد اللور اللور] حي النور وهما حتى الضو ماوصلهم حي الفرح[ والناس حزينة] ، وشوف على سميات فارضينهم على عباد الله لكن الناس عايقين من التحت.. دايرين سميات بيناتهم : سوق الكلب،دوار الرجا فالله كاريان لا حونا لا فران لا طاحونا غير طحنونا..” كاريان طوما .. السكويلة… دوار الكرتون.. دوار الليل. .حي الظلام.. وقس على ذلك.
قضيته…قضيتنا:
- مفتاح ثاني:
“قضيتي جزء من محنة حرية التفكير والتعبير و الصحافة و الإبداع بالمغرب”
بزيز
رفض أن يكون شاهدا على الزفاف غير الشرعي للسيد ” سلطون” بالسيدة “لالة حكوم” في ” عرس الذيب” الذي ارتفعت طبوله ومزاميره قبل “عام الضباب” المؤثر في الرؤية مما أحال الوطن شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا غرفة انتظار/انتظارات واسعة ضاقت بالاحتجاجات والاضرابات.. ولا حياة لمن تحتج عليه ..صرنا كمن يمخض الماء أو يسقي به الرمال” الما فالرملة” فتحولت التنديدات اختناقات..انتحارات..انفجارات…بووم وتنتشر الأشلاء…بووم و تجري الدماء في الشارع العام لأن “الفقر عندنا غني ” :
“نحن لسنا فقراء
بلغت ثروتنا مليون فقر
وغدا الفقر لدى أمثالنا
وصفا جديدا للثراء ؟
وحده الفقر لدينا
[...] أغنى الأغنياء”
احمد مطر
ولأنه رفض دور المتفرج في السيرك السياسي ” البرلمان ” وعزف الكمان على أنغام ” كلو العام زين”، فضل بزيز هدم الحايط للامساك ب “راس الخيط” …توضيح الطريق وتشويره حتى لا نضل في متاهات السودكو التي يرسم خطوطها الحمراء حفنة الأوليكارشيين حفاظا على ثوابتهم التي لا يريدونها أن تتغير رغم ادعاء التغيير مع التناوب المعلق قي ” مسمار جحا بأيدي” سيدي بورشوة ” وتوابعه فلم يحط التثاؤب رجليه على الأرض ولم تصل يداه رتاج النافذة لاستنشاق نسيم الديمقراطية والحرية والكرامة الانسانية ، والمساواة والعدالة الاجتماعية….كل ذلك مجرد شعارات للغناء السياسي لذا بقي معلقا في نفس المسمار / السمسار وما يزال … إنها” الوحلة” أو الحصلة التاريخية المستمرة مع العهد/ الصهد الجديد…ولأن هدف بزيز البقاء للأصلح فانه :
“أنا لا أدعو
إلى غير الصراط المستقيم
أنا لا أهجو
سوى كل عتل زنيم
وأنا ارفض أن
تصبح أرض الله غابة
وارى فيها العصابة
تتمطى وسط جنات النعيم
وضعاف الخلق في قعر الجحيم”
احمد مطر
الزفاف تمت مشاهدته في “سهرة الأخبار” في زمن تحالف ورثة البلاشفة المزورين- بفتح الواو و كسرها- مع حفدة القياصرة الزرقاء دماؤهم حتى لا تتفتت كلمة ” الهيكسوس” في بلاد “الليكسوس” وما جاورها من جميع الجهات حفاظا على ” البيعة والشرية” دون سرية ..بمساومات مفضوحة وحوارات غير مفتوحة في زمن الخوصصة و الصخصخة والعولمة و العولبة والقولبة في وطننا الكبير… كفننا الكبير حيث السفينة غارقة والكلاب تسير..حيث غابت اللاءات وتناسلت الولاءات..فقضية الجاحظ الذي يمشي بيننا – بزيز- قضيتنا ليست مع الطواحين الهوائية بل مع انليل ( اله الهواء) الذي يتحكم فيها ويديرها أنى شاء ويشاء ..فهو ممنوع من القاعات العمومية والوسائل الإعلامية المسموعة/ المقموعة والمرئية التي تغذيها أموال/ دماء الشعب إعلام تم فيه تعويض بركاش ببركاشة .. إعلام يحتفي بالبطن أكلا وهزا:
” ألهذا خلق الله البطون؟
ألهذا كان ما كان وما سوف يكون؟
رب غفرانك.. إنا مؤمنون
غير أنا وسط سيل الغضب
الجاري على وجه القرون
لم نجد فائدة تذكر للبطن..
سوى ربط حزام البنطلون؟
احمد مطر
ولقد طاله المنع تنفيذا لسياسة المقص والغربال تحت إشراف كبار المسؤولين وأصحاب القرار بدءا بأم الوزارات المتحكمة في الكواليس و الكوابيس… واليوم مع الوزير البارع في الشفوي ؛وزير الصورة والصوت؛ الناطح الرسمي/ الناهق الرسمي للحكومة والفاقد للحكمة المسؤول عن مرض التلفزيون الذي أفقدنا الآذان والعيون .. لذا فتصريحاته لا تصدقها إلا الجماجم الفارغة.
- مفتاح أخير:
حسب حسن بحراوي ف” مأساة بزيز انه وجد في غرفة موصدة ومسدلة الستائر اسمها المغرب الحديث ” ورغم ذلك لم ينزح عن الأخدود الذي رسمه قيد أنملة ..بل انه يتوغل فيه دوما.. حاملا لافتته “لا حزب ولا نقابة ..الوطن أولا”…
” يا صديقي
كل شخص متنبه
هو مشبوه، مثير للفِطَنْ
يبتغي أن يشعل الوعي
لإحراق الوطن”
احمد مطر

- الهوامش:
التقطت هذه الصورة من الزوايا التالية:
1- احمد السنوسي: عرس الذيب/ عام الضباب/ الما فالرملة/ راس الخيط/ بورشوة/ مسمار حجا/
الوحلة/ سهرة الأخبار.
2-احمد السنوسي:” امريكا اسرائيل.. ومشروع الشرق الأوسط الجديد”- أسبوعية الصحيفة المغربية-ع:46 – ص:34 -4 غشت/ 7 شتنبر 2006
3- احمد السنوسي: “الأسطورة الحقيقية هي القول إننا نعيش في بلد الحريات” –أسبوعية المشعل- ع:98- ص:04 -15/21 دجنبر 2006
4- احمد السنوسي :”معاناة فنان مع مسؤول عابر في منصب عاب”ر- جريدة المساء-ع: 112- ص: 12- 29-01- 2007
5- حسن بحراوي:”ذاكرة المغرب الساخر : حالة بزيز و باز دراسة في المنجز” الفني –ط:1-2001 –مطبعة المتقي برنتر- المحمدية
6- احمد مطر: ا لأعمال الشعرية الكاملة – ط:2 -2001-لندن- ص ص:08-17-114/115-144-218-352-353-476-485/486
http://www.doroob.com/archives/?p=19842